إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . شرع الله تطهير هذه الأعضاء وغسلها وتنظيفها عند القيام إلى الصلاة أو عند وجود حدث؛ حتى يصير المصلي نظيف البدن، وحتى يحصل له النشاط والقوة، وحتى يقبل على الصلاة بصدق ومحبة ورغبة تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
shape
شرح كتاب النكاح من صحيح البخاري
86490 مشاهدة print word pdf
line-top
باب: من هاجر أو عمل خيرا لتزويج امرأة فله ما نوى

باب من هاجر أو عمل خيرا لتزويج امرأة فله ما نوى.
قال أبو عبد الله حدثنا يحيى بن قزعة قال: حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- العمل بالنية وإنما لامرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه .


هذا حديث عمر المشهور وقد بدأ به البخاري -رحمه الله- صحيحه، وأتى به هاهنا لذكر من هاجر لأجل أن ينكح امرأة، فقد ذكر الذين شرحوه أن سببه قصة رجل هاجر ليتزوج امرأة يقال لها: أم قيس فكانوا يسمونه مهاجر أم قيس والأصل أن الهجرة أنها عمل صالح، أنها عمل بر، أن الهجرة عمل من الأعمال التي يتقرب بها إلى الله تعالى ففي هذا أن الإنسان إذا هاجر ولم يكن قصده ما عند الله تعالى فليس له أجر في هذه الهجرة.
ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار يعنى أنني أحتسب أجر الهجرة؛ لأنها عمل صالح، فإن المهاجر يهجر بلاده ويهجر أهله ويهجر منشأه ويهجر قبيلته، ويهجر داره ويهجر أمواله ونحو ذلك، ويسافر لأجل أن يسلم على دينه، يفر بدينه من الفتن ومن الأذى، فإذا كان الذي دفعه إلى هذه الهجرة أمر دنيوي، دنيا يكتسبها، أو يصيبها أو كذلك امرأة يريد أن ينكحها فليس له إلا ما نواه؛ فإنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. هذا هو الشاهد من هذا الحديث.

line-bottom