إن المؤمن بربه يرضى بالقضاء والقدر، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، ويعلم أن في الابتلاء والامتحان خيرا كثيرا وأجرا كبيرا، وأن المصائب والنكبات يخفف الله بها من الخطايا، فيستحضر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما أصاب العبد المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفر الله بها من خطاياه" متفق عليه تعبير الرؤيا يرجع فيه إلى معرفة أشياء تختص بالرائي وما يتصل به، وكذا معرفة القرائن والأحوال، ومعرفة معاني الكلمات وما يتصل بها لغة وشرعا وما يعبر به عنها، وهذه الأمور ونحوها يختص بها بعض الناس لانشغالهم بمعرفتها وما يدور حولها، فعلى هذا لا يجوز لكل أحد أن يعبر الرؤى، فقد يفهم فهما بعيدا، وقد يأخذ التعبير من اللفظ لا من المعنى فيخطئ في ذلك. اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أد الأمانة إلى من ائتمنك، ولا تخن من خانك". فلو خانك إنسان فلا تجازه بالخيانة، بل اصفح وتجاوز عنه حتى يثيبك الله بالحسنى ويعفو عنك، ويعاقبه على خيانته إذا كان قد تعمدها، ولربما ندم إذا رآك تعامله بهذه المعاملة وهو قد خان! فيندم ويتخلق بأخلاقك؛ فيكون عملك هذا دعوة وسببا للتخلق بهذا الخلق العظيم. إذا كان عقل المريض معه وفهمه وإدراكه فإن الأوامر والأحكام الشرعية تنطبق عليه، ويكلف بالصلاة والصوم والطهارة ونحوها بحسب القدرة، ويجوز مساعدته على الطهارة إن قدر على غسل أعضائه، فإن عجز عن استعمال الماء في أعضائه وشق غسلها عليه عدل إلى التيمم، فإن عجز فإن المرافق يقوم بذلك بأن يضرب التراب فيمسح وجهه وكفيه مع النية.
شرح كتاب النكاح من صحيح البخاري
57500 مشاهدة
باب: من هاجر أو عمل خيرا لتزويج امرأة فله ما نوى

باب من هاجر أو عمل خيرا لتزويج امرأة فله ما نوى.
قال أبو عبد الله حدثنا يحيى بن قزعة قال: حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب -رضي الله تعالى عنه- أنه قال: قال النبي -صلى الله عليه وسلم- العمل بالنية وإنما لامرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم- ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه .


هذا حديث عمر المشهور وقد بدأ به البخاري -رحمه الله- صحيحه، وأتى به هاهنا لذكر من هاجر لأجل أن ينكح امرأة، فقد ذكر الذين شرحوه أن سببه قصة رجل هاجر ليتزوج امرأة يقال لها: أم قيس فكانوا يسمونه مهاجر أم قيس والأصل أن الهجرة أنها عمل صالح، أنها عمل بر، أن الهجرة عمل من الأعمال التي يتقرب بها إلى الله تعالى ففي هذا أن الإنسان إذا هاجر ولم يكن قصده ما عند الله تعالى فليس له أجر في هذه الهجرة.
ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: لولا الهجرة لكنت امرأ من الأنصار يعنى أنني أحتسب أجر الهجرة؛ لأنها عمل صالح، فإن المهاجر يهجر بلاده ويهجر أهله ويهجر منشأه ويهجر قبيلته، ويهجر داره ويهجر أمواله ونحو ذلك، ويسافر لأجل أن يسلم على دينه، يفر بدينه من الفتن ومن الأذى، فإذا كان الذي دفعه إلى هذه الهجرة أمر دنيوي، دنيا يكتسبها، أو يصيبها أو كذلك امرأة يريد أن ينكحها فليس له إلا ما نواه؛ فإنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. هذا هو الشاهد من هذا الحديث.